vendredi 6 janvier 2017

وادي زم في المكان والزمان

من هضبة الفوسفاط تأملت المدينة وتجمعات السكان
فجال بخاطري شبه شريط لغابر الأزمان
ففي الزمن السحيق كانت هنا بحار وشطآن
ثم تراجعت البحار ونفقت القروش وتغير المكان
وما فوسفاط المنطقة سوى ترسبات تلك الخلجان
وقبل أن يستطيب الارض ويستوطنها أي انسان
كم سرحت بها للطرائد والاسد من قطعان؟
كان هنا خلاء وخوف وعيون وغدران!
منها صاغ اسمك الأمازيغ والعربان
وعلى أرضك دارت أحداث يشيب لها الولدان!
هل تذكرين دويّ المدافع وبارود الفرسان؟
يوم هبّ للنجدة فرسان القصيبة وأبطال زيان
لكن قوة المدافع رجّحت كفة العدوان!
وهل نسي القوم مجازر الكولونيل منجان؟
أباد خلقا كثيرا وتجاوز الفظاعة والطغيان!
وبعد نصف قرن ثارت البلدة كالبركان!
اسالوا السكان وقبائل الجوار ومنجم بني خيران!
كان يوم السبت من غشت جارفا كالطوفان!
فحشر مرتزقة المحتلّ الطفل والمرأة والشيخ العيان!
ببيار لحجر وأطلقوا للتهديد والوعيد العنان
في انتظار القادم من مكناس بأمر ردم المكان
فكانت إرادة الله أقوى من الطائرة والرُبان
واليوم أين الأسد أين المحتل وأين الغزلان؟
كلهم ذهبوا مثل السحاب وعمَّ الوادي النسيان
واتمنى ألا تغيب تلك الاحداث من ذاكرة الانسان
لنتذكر كم حاول تنصيرنا البرتغاليون والإسبان
وبعون الله عند وادي المخازن كسرنا شوكة العدوان
وبزمن التردي طاف بالبلد شمالا وجنوبا زعيم الرهبان
تمهيدا لاقتسام الوطن من الفرنسيين والإسبان
بالريف لم يقهر الخطابي إلا غاز سارين الألمان
بالوسط قسمت فرنسا قبائلنا إلى أمازيغ وعربان
 بصحرائنا الجنوبية لم يسكت بارود قبائل بعمران 
جيراننا بالشرق أيام المحنة كنا لهم خير إخوان
اليوم يردون الجميل بعرقلة مسيرة تكامل الأوطان
******************************
لكن وبكل تجرّد أما آن لنا التحلي بخصلة الشجعان؟
ونعترفَ لمحتل الأمس ولو بقليل من العرفان؟
أليس المحتل من اسكت تناحر القبائل وأمّن المكان؟
لما تقوقعت السلطة وتنقل المغربي شبه عريان
أليس المحتل من دشَّن بوادي زم بداية العمران؟
ألم يعبِّد الطرقات ويدخل الكهرباء ويسارع بالبنيان؟
ألم يحارب الأوبئة لما كانت تبيد ربع السكان؟
أليس من حسناته سنّ تعليم المغاربة بالمجّان؟
في أوج الحرب وفرنسا محتلة من طرف الألمان
شيدت المدن ومفخرة الاطلس سدّ بين الويدان!
بدأ الحفر جنوبا وشمالا وتحت الجبل التقى الجمعان
فتحوّل بذلك سهل تادلة من بور الى مزارع وجنان!
وأنت على مرتفعات أفورار كأنك أمام لوحة فنان

تسبح بناظرك فوق بحر من الخضرة وسحر المكان!
********************************
لا أمجد المحتل ولكنها الحقيقة بادية للعيان
العيب فينا والتغيير منّا يبدأ يا أمة القرآن
لا لجعل المحتل مشجبا نعلق عليه مذلة الجهل والهوان!
مدينة وادي زم شابة ولو مر من عمرها قرن من الزمان
هنيئا لكم بها ورحم الله المقاومين الشجعان
الذين استرخصوا النفس وواجهوا المحتل بالحجارة والإيمان
وليكن جمعكم بها على الخير لمّة أَحِبَّة وإخوان
والأوطان بأهلها إما تصان أو تهان
والزمان متقلب إلى ان يرث الله المكان والزمان!

هذه السطور مهداة إلى من تعلمت بها حروف الهجاء بداية الخمسينات، ولكل الوجوه التي رايتها من بعيد أو قريب الى وادي زم المجاهدة. وأتَأَسَّفُ لِما طالها من جحود رغم التضحيات الجسام في سبيل تحرير هذا الوطن.. وما حباها الله من ثروة فوسفاطية قل نظيرها في أماكن اخرى. واتمنى ان يعيد رب العزة عليها السنين الممطرة الخوالي وتفيض خيرات الأرض كما عرفتها سابقا.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire